لفهم مقولات أرسطو، يا خريساريوس، يجب أن يعرف المرء، ما: الجنس، والفصل، والنوع، والخاصة، والعرض. وهذه المعرفة، مفيدة أيضًا، في إعطاء الحدود، وعمومًا، للقسمة والبرهان.…
ذكر، أن ثعلبا، يقال له مرزوق، ويكنّى، أبا الصّباح، أقام في واد، لم يكن به غيره، فعبر عليه زمان، وهو في حسن الحال، آمن السَرَب (بيت تحت الأرض لا منفذ له وهو الوكر؛ مَسْلك في خفية)، رخيّ البال.
المتفقة أسماؤها، يقال، إنها التي الإسمُ فقط، عامٌّ (شامل) لها، فأمّا قولُ الجوهر، الذي بحسب الإسم، فمخالف. ومثال ذلك: الإنسانُ والمُصَوَّرُ (ζῷον : له معنيان، صورة و حيوان)، حيوان، فإن هذين، الاسمُ فقط، عامٌّ لها، فأما قول الجوهر…
حَدثنَا أَبُو الْأَشْقَر، حَدثنَا عَليّ بن جَعْفَر الْكَاتِب، قَالَ، كَانَ رجل، يُجَالس ابْن المقفع، فيكثر الْكَلَام، ويطيل الْجُلُوس. فَكَانَ ابْن المقفع، يستثقله، فَجَاءَهُ يَوْمًا، وَقد تنَاول دَوَاء، فَقَالَ لغلامه، اسْتَأْذن لي عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ الْغُلَام، قد أَخذ دَوَاء، قَالَ كيس، فَقَالَ لَهُ الْغُلَام، لَيْسَ إِلَى ذَاك سَبِيل، قَالَ، فَكتب فِي قرطاس:
وجدنا الناس قبلنا، كانوا أعظمَ أجسادًا، وأوفر مع أجسادهم أحلامًا (عقْل، الأَناةُ وضبطُ النَّفْس)، وأشد قوة، وأحسن بقوتهم، للأمور إتقانًا، وأطول أعمارًا، وأفْضَلَ بأعْمَارِهِم، للأشياءِ اختبارًا، فكان صاحبُ الدين منهم، أبلغ في أمر الدين، علمًا وعملًا، من صاحب الدين منا، وكان صاحبُ الدنيا، على مِثْلِ ذَلكَ، من البلاغَة والفَضل.
أمَّا بعد، فإنَّ لكل مخلوق حاجةً، ولكل حاجة غاية، ولكل غاية سبيلًا. والله وَقَّتَ للأمور أقدارَها، وهيأ إلى الغايات سُبُلها، وسبَّب الحاجات ببلاغها. فغايةُ الناس وحاجاتُهم …