لفهم مقولات أرسطو، يا خريساريوس، يجب أن يعرف المرء، ما: الجنس، والفصل، والنوع، والخاصة، والعرض. وهذه المعرفة، مفيدة أيضًا، في إعطاء الحدود، وعمومًا، للقسمة والبرهان.
سأقدم لك، مراجعة، موجزة ومجملة، لهذا التعليم التقليدي، كما يليق بمقدمة، وأحاول، نقل ما قاله، القدماء من الفلاسفة.
سأتجنب، المسائل الأعمق، وسأحاول، بعبارات قليلة، تفسير، المفاهيم، الأبسط.
وعلى سبيل المثال، سأضع جانبا، التحقيق، في بعض المسائل، العميقة، المتعلقة بالأجناس والأنواع، لأن مثل هذا المسعى، يتطلب، دراسة أكثر تفصيلا:
- ما إذا كانت الاجناس، أو الأنواع، موجودة في حد ذاتها، أو أم أن وجودها، ليس إلا مجرد تصورات، في الأذهان.
- إن كانت الاجناس أو الأنواع موجودة، هل هي جسدية، أو غير جسدية.
- إن كانت موجودة بمَعزِل، أو لا وجود لها، إلا في المحسوسات، ومنها تتركب.
بدلاً من ذلك، سأحاول، أن أوضح لك، كيف تعامل بالمنطق، قدماء الفلاسفة، مع الجنس، والفصل، والباقي.
يشبه، ألا يكون، الجنس، ولا النوع، حدوداً بسيطة.
فإن الجنس، يقال أولا، على جنس، لجماعة قوم، لهم نسبة، بوجه من الوجوه، إلى واحد، ولبعضهم إلى بعض، على المعنى الذي يقال به، جنس الهرقليين (Heraclids)، من قبل نسبتهم، إلى واحد، أعني، من هرقل (Heracles)، إذ كان، جماعة القوم، الذين، لبعضهم قرابة إلى بعض، من قِبَله، قد يدعى جنسا، بانفصالهم، من سائر الأجناس، الأُخَر.
وقد يقال، أيضا، على جهة أخرى، جنس، لمبدأ، كون، كل واحد، واحد، إمّا من الوالد، أو من الموضع، الذي يكون فيه الإنسان.
فإنه على هذه الجهة، نقول، إن جنس، أورسطس (Orestes)، من طنطالس (Tantalus)، وأولس (ابن إيرقلس؛ Hyllus)، من إيرقلس (Heracles)، ونقول، أيضا، إن جنس، أفلاطن (Plato)، أثيني (Athenian)، وجنس، فندارس (Pindar)، ثيبائي (Theban)، وذلك، أن البلد، مبدأ ما، لكون، كل واحد، كالأب.
ويشبه، أن يكون، هذا المعنى، أبين، وذلك، أن الهرقليين، هم المتناسلون، في جنسهم، من هرقل، والقفروقيديون (Cecropids)، هم الذين من، ققروقس (Cecrops)، وقراباتهم.
وسمي أولا، جنسا، مبدأ كون (مصدر، ولادة)، كل واحد، وبعد ذلك، جماعة القوم، الذين من مبدأ واحد، بمنزلة هرقل، فإنا، إذا فصلناها، وفرقناها، من سائر الجماعات الأخر، سمينا جماعاتهم، جنس الهرقليين.
وقد يقال أيضا، على جهة أخرى، جنس، للذي، يرتب تحته، النوع. وخليق، أن يكون، إنما سمي جنساً، لمشابهته، هذين الموصوفين، لأن هذا الجنس، هو مبدأ ما، للأنواع، التي تحته، ويُظن به، أنه يحوي، كل الكثرة، التي تحته.
فإذاً، كان الجنس، يقال، على ثلاثة أنحاء، فقول الفلاسفة، إنما هو، في الثالث منها، وهو، الذي رسموه (وصفوه)، بأن قالوا: الجنس، هو المحمول، على كَثِيرِين، مختلفِين، بالنوع من طريق ما هو، مثال ذلك، الحَيّ (جنس).
لأن الأشياء، التي تُحمل (تُسنَد)، منها ما يقال، على واحد، فقط، كالأشخاص بمنزلة سقراط، وهذا الشخص، وهذا الشيء، ومنها ما يقال، على كثيرين، كالأجناس، والأنواع، والفصول، والخواص، والأعراض التي تعرض على جهة العموم، لا التي، تعرض لشيء، على جهة الخصوص.
فالجنس: كالحي، والنوع: كالإنسان، والفصل: كالناطق، والخاصة: كالضحاك، والعرض: كالأبيض والأسود، والقيام والجلوس.
فالأجناس، تخالف الأشياء، التي تُحمل على شيء واحد فقط مما يوصف به، من أنها تحمل على كثيرين.
وتخالف الأشياء، التي تقال، على كثيرين، بأشياء، من ذلك، أنه يخالف الأنواع، بأن الأنواع، وإن كانت تحمل، على كثيرين، فإنها ليست تحمل، على كثيرين، مختلفين بالنوع، بل كثيرين، مختلفين بالعدد.
فإن الإنسان، إذ هو نوع، قد يحمل، على سقراط، وفلاطن، اللذين، ليسا يختلفان، بالنوع، لكن بالعدد.
فأما الحيُّ، فإذ هو جنس، قد يُحمل، على الإنسان، والفرس، والثور، الذين بعضهم، يخالف بعضا، وبالنوع، لا بالعدد فقط.
فأما الخاصة، فقد يخالفها الجنس، من قِبَل، أن الخاصة، إنما تُحمل، على نوع واحد، وهو النوع، الذي هي له، خاصة، وعلى الأشخاص التي تحت ذلك النوع، كالضَحَّاك، فإنه يُحمل، على الإنسان فقط، وعلى أشخاص الناس (شخص مُعَيّن)، فأما الجنس، فليس، إنما يُحمل، على نوع واحد، ولكن، على أنواع كثيرة، مختلفة.
وقد يخالف أيضا الجنس، الفصول، والأعراضَ العامية، من قبل، أن الفصول، والأعراض التي تعرض على جهة العموم، وإن كانت، تُحمل على كثيرين، مختلفين بالنوع، إلا أنها، ليست تحمل، من طريق، ما هو، إذا سُئلنا، عن ذلك الشيء، الذي تحمل عليه هذه، بل، إنما تحمل، من طريق، أي شيء هو.
وذلك، أنا إذا سُئلنا عن الإنسان، أي حيوان هو؟ قلنا، ناطق، وإذا سئلنا عن الغراب، أي حيوان هو؟ قلنا، أسود، والناطق فصل، والأسود عرض.
فأما إذا سُئلنا، عن الإنسان، ما هو؟ أجبنا بأنه، حيوان، لأن، جنس الإنسان، قد كان الحيوان.
فيصير قولنا، في الجنس:
- إنه محمول على كثيرين، يفصله، من الأشياء التي تحمل على شيء واحد، وهي، التي لا تتجزأ (الأشياء التي لا تتجزأ، مُفرَد).
- وقولنا، مختلفين بالنوع (الجنس، يُحمل، على الذين بعضهم يخالف بعضا، بالنوع ولا بالعدد فقط)، يُفرق بينه (الجنس)، وبين ما يُحمل كحمل الأنواع، والخواص.
- وقولنا، إنه يُحمل، من طريق ما هو، يفصله، من الفصول ومن الأعراض العامية، التي ليست تحمل من طريق، ما هو، لكن من طريق، أي شيء هو، أو، كيف حاله.
فليس يحوي إذن، الرسم الموصوف، لما يقوم في الوهم من الجنس، زيادة، ولا نقصانا.
فأما النوع، فقد يقال، على صورة (شكل) كل واحد، بمنزلة ما قيل: أما أولاً، فصورته، مستحقة للمُلْك.
وقد يقال نوع أيضا، للمُرَتَب، تحت الجنس الذي وصفنا، كما قد اعتدنا أن نقول، إن الإنسان، نوع للحيّ، إذ الحيّ جنس، ونقول، إن الأبيض نوع للون، والمثلث نوع للشكل.
ولأنا، لما وصفنا الجنس، ذكرنا النوع، بقولنا: المحمول، على كثيرين مختلفين بالنوع، من طريق، ما هو، وكنا نقول في النوع، إنه المرتب، تحت الجنس الذي وصفنا، فينبغي أن نعلم، أن الجنس، لأنه جنس لنوع، والنوع، لأنه نوع لجنس، كل واحد منهما، للآخر، وجب، أن نستعملها جميعا، في قوليّ كليهما.
فهم يصفون، النوع، على هذا الوجه: النوع، هو المرتب، تحت الجنس، والذي جنسه يُحمل عليه من طريق ما هو.
وقد يصفونه أيضا، على هذه الجهة: النوع، هو المحمول على كثيرين مختلفين بالعدد، من طريق (سُؤَال) ما هو، ولكن هذه، إنما هي، لنوع الأنواع، ولما هو نوع فقط، فأما الصفتان الأخريان، فهما، ولما ليس بنوع أنواع.
وقد يتبين، ما نحن واصفوه، على هذا النحو، بقول: إن في كل واحدة، من المقولات، أشياء، هي أجناسُ أجناسٍ، وأشياء، هي أنواعُ أنواعٍ، وفيما بين، أجناس الأجناس، وأنواع الأنواع، أشياء أخر.
وجنس الأجناس، هو الذي، ليس فوقه، جنس يعلوه.
ونوع الأنواع، هو الذي، ليس دونه، نوع آخر، يوضع تحته.
وفيما بين، جنس الأجناس، ونوع الأنواع، أشياء، هي بأعيانها، أجناس وأنواع، إلا أنها كذلك، إذا قيست، إلى أشياء مختلفة.
وينبغي، أن نوضح، ما نحن ذاكروه، في مقولة واحدة، فنقول: إن الجوهر، هو أيضا جنس، وتحته، الجسم، وتحت الجسم، الجسم المتنفس، وتحت الجسم المتنفس، الحيّ، وتحت الحيّ، الحيّ الناطق، وتحت هذا، الإنسان، وتحت الإنسان، سقراط وفلاطن والجزئيون (الخاصَّة ضِدّ العامّة) من الناس.
ولكنَّ الجوهر، من هذه الأشياء هو جنس الأجناس، والإنسان، هو نوع الأنواع.
فأما الجسم، فنوعٌ للجوهر، وجنسٌ للجسم المتنفس، والجسمُ المتنفس، نوعٌ للجسم، وجنسٌ للحيّ، والحيّ أيضا، نوعٌ، للجسم المتنفس، وجنسٌ، للحيّ الناطق، والحيّ الناطق، نوعٌ للحيّ، وجنس للإنسان، والإنسان، نوعٌ للحيّ الناطق، وليس هو جنسا، للجزئيين من الناس، لكنه نوعٌ فقط، وكل ما كان قريبا من الأشخاص، فهو نوع فقط، وليس بجنس.
فكما أن الجوهر، هو جنس الأجناس، لأنه، في أعلى منزلة، إذ ليس قبله شيء، كذلك الإنسان، فإنه نوع فقط، والنوع الأخير، ونوع الأنواع كما قلنا، إذ هو نوع، ليس دونه نوع، ولا شيء من الأشياء التي يتهيأ فيها، أن تنقسم إلى أنواع، بل إنما دونه الأشخاص، فإن سقراط، وألقيبيادس، وفلاطن، أشخاص.
فأما المتوسطة، فإنها لما قبلها، أنواع، ولما بعدها، أجناس، فلذلك، صار لها نسبتان، النسبة إلى ما قبلها، التي بحسبها يقال، إنها أنواع لها، والنسبة إلى ما بعدها، التي بحسبها يقال لها، إنها أجناس لها.
فأما الطرفان، فإنما لهما نسبة (علاقة) واحدة، وذلك:
- أن جنس الأجناس، له نسبة إلى ما دونه، إذ هو أعلى الأجناس كلها، وليس له نسبة إلى شيء قبله، إذ كان في أعلى منزلة، والمبدأ الأول.
- ونوع الأنواع، أيضا، إنما له نسبة واحدة، وهي النسبة التي له، إلى ما فوقه، وهي الأشياء، التي هو نوع لها. وأما النسبة، التي له، إلى ما دونه، فليست غير تلك، إذ كان يقال له أيضا، إنه نوع للأشخاص، إلا أنه نوع للأشخاص، من قِبَل، أنه يحويها، ونوعٌ لما قَبله، من قبل، أن الأشياء التي قبله، تحويه.
فقد يحدون، جنس الأجناس، بأنه جنس، وليس بنوع. ويحدونه أيضا، بأنه الذي ليس فوقه، جنس يعلوه.
ويحدون نوع الأنواع، بأنه:
- نوع، وليس بجنس.
- والذي هو نوع، لا تجوز لنا قسمته، إلى أنواع.
- وهو المحمول، على كثيرين مختلفين بالعدد، من طريق، ما هو.
والمتوسطات للطرفين، يسمونها أجناسا، بعضها تحت بعض، ويجعلون كل واحد منها، نوعا وجنسا، بالقياس، إذا نسبوها إلى أشياء مختلفة. فأما التي ترتقي، من قِبَل، أنواع الأنواع، إلى أجناس الأجناس، فيقال لها، أنواع وأجناس، وأجناس بعضها تحت بعض، بمنزلة، أغاممنن (Agamemnon)، بن أطرود (Atreus)، بن فلبس (Pelops)، بن طنطالس (Tantalus)، وآخر ذلك ابن ذيوس (Zeus). ولكنهم في النسب، يرتقون إلى مبدأ واحد، في أكثر الأمر، وهو زيوس مثلا، فأما في الأجناس والأنواع، فليس الأمر كذلك، لأن الموجود، ليس هو جنسا واحدا، عاما لجميعها، ولا كلها متفقة، في جنس واحد، هو أعلى منها، كما يقول، أرسطوطالس.
ولكنا، نهب، أن الأجناس الأول، على ما في كتاب المقولات، عشرة، وأنها بمنزلة، عشرة مبادئ أول، ومتى سماها إنسان موجودات (حاصلة، ليست عدما)، فإنما يسميها، باتفاق الاسم (المتفقة أسماؤها، يقال، إنها التي الإسمُ فقط، عامٌّ لها، فأمّا قولُ الجوهر، الذي بحسب الإسم، فمخالف)، لا بالتواطؤ (المتواطئة أسماؤها: التي الإسمُ، عامٌّ لها، وقول الجوهر، الذي بحسب الإسم، واحدٌ، مثال)، وذلك، أن الموجود (الثابت في الذهن، وفي الحقيقة)، لو كان جنسا واحدا، عاما لجميعها، لقد كانت تسمى كلها، موجودات على طريق التواطؤ.
فإذا كانت الأوائل، عشرة، فإن الاشتراك بينها، إنما هو، في الاسم فقط، لا في القول، الذي بحسب الاسم.
فأجناس الأجناس، إذاً عشرة.
فأما أنواع الأنواع، فقد توجد في عدد ما، وليست، بغير نهاية.
وأما الأشخاص، التي هي، بعد أنواع الأنواع، فبغير نهاية. ولذلك، يأمر فلاطن، المنحدرين من أجناس الأجناس، إلى أنواع الأنواع، أن يمسكوا عندها (يتوقفوا عند أنواع الأنواع ويتركوا الأشخاص)، وأن يكون إنحدارهم إليها (أنواع الأنواع)، بمتوسطات، بعد أن يقسموها بالفصول، المحدثة للأنواع، ويقول، إن الأشياء، التي بغير نهاية (الأشخاص)، ينبغي أن تترك، فإن العلم، لا يحيط بها.
وإذا انحدرنا، إلى أنواع الأنواع، فيجب ضرورة، إذ كنا نقسم، أن نصير إلى كثرة.
وإذا ارتقينا، إلى أجناس الأجناس، فيجب ضرورة، أن تجمع الكثرة، لأن النوع، جامع الكثير إلى طبيعة واحدة، والجنس في ذلك، أكثر جمعاً منه.
فأما الأشياء، الجزئية (الخاصَّة ضِدّ العامّة) والمفردة، فضد ذلك، لأنها تَقْسِم الواحد دائما، إلى كثرة، وذلك، أن الناس الكثيرين، إنسان واحد في اشتراك النوع، والإنسان الواحد العام، كثير بالجزئيين، فإن الشيء المفرد، يَقْسِم أبداً، والعام جامع.
وإذ قد وصفنا، الجنس والنوع، ما كل واحد منهما، وكان الجنس واحدا، والأنواع كثيرة، لأن قسمة الجنس، أبداً إلى أنواع كثيرة، فإن الجنس، أبداً يُحمل على النوع، وكل ما هو فوق، يُحمل على ما تحته. فأما النوع، فليس يحمل، لا على الجنس القريب منه، ولا على الأجناس، التي فوق ذلك الجنس، لأنها لا تنعكس. وذلك، أنه ينبغي، أن تكون الأشياء، التي تحُمل على أشياء، إما مساويةً، لتلك التي تُحمل عليها، كحمل الصهيل، على الفرس، وإما أن تكون أكثر منها، كحمل الحيوان، على الإنسان. فأما الأشياء التي هي أقل، فليست تحمل، على ما هو أكثر منها، لأنه ليس لك أن تقول، إن الحيوان إنسان، كما تقول، إن الإنسان حيوان.
والأشياء، التي يُحمل عليها النوع، يحُمل عليها من الاضطرار، جنس ذلك النوع، وجنس ذلك الجنس، إلى أن نبلغ، إلى جنس الأجناس، لأنه، إن كان قولنا، سقراط إنسان، صادقا، وأن، الإنسان حيوان، وأن، الحيوان جوهر، فقولنا، إن، سقراط حيوان وجوهر، صادق.
فإذ كانت، إذاً، الأشياء العالية، تحمل على ما هو تحتها دائما، فالنوع، يحمل على الشخص، والجنس، على النوع وعلى الشخص، وجنس الأجناس، يحمل، على الجنس أو الأجناس إن كانت المتوسطة، التي بعضها تحت بعض، كثيرة، وعلى النوع، وعلى الشخص.
وذلك، أن جنس الأجناس، يحمل، على جميع الأجناس، والأنواع، والأشخاص، التي تحته.
والجنس، الذي قَبْل، نوع الأنواع، يُحمل على جميع الأنواع، وعلى الأشخاص.
والنوع، الذي هو نوع، فقط، يحمل، على جميع الأشخاص.
والشخص، يحمل على واحد فقط، من الجزئيات.
والذي يوصف، بأنه شخص، هو بمنزلة، سقراط، وذاك الأبيض، وهذا المقبل، كأنك قلت، ابن سفرونسقوس (Sophroniscus والد سقراط)، إن كان إنما له، من البنين، سقراط وحده.
وإنما يقال، لأمثال هذه الأشياء، أشخاص، من قبل، أن كل واحد منها، قد يقوم من خواص، لا يمكن، أن توجد جملتها بعينها، وقتا من الأوقات، في آخر غيره، من الأشياء الجزئية.
فإن خواص سقراط، لا يمكن أن توجد، في آخر غيره، من الجزئيين.
فأما خواص الإنسان، أعني العام، فقد توجد بأعيانها، في كثيرين، لا بل، في جميع الناس الجزئيين، من جهة ما، هم ناس.
فالنوع إذاً، يحوي الأشخاص، والجنس، يحوي النوع، لأن الجنس كلٌّ ما، والشخص جزءٌ، والنوع كلٌّ وجزء، غير أنه، جزء لشيء آخر وليس هو كلٌّ لآخر، لكنه كلٌّ في آخر، وذلك أن، الكل في الأجزاء.
فقد وصفنا، أمر الجنس، والنوع، وقلنا، ما جنس الأجناس، وما، نوع الأنواع، وما الأشياء، التي هي بأعيانها، أجناس وأنواع، وما هي الأشخاص، وعلى كم جهة (بكم طريقة)، يقال، الجنس والنوع.
أمّا الفصل (الفارقة؛ الصِّفة المميِّزة؛ فصل الكلام: أتى به مفصلا بدقائقه)، فيقال: عاما، وخاصا، وخاص الخاص.
لأنه قد يقال، في شيء، إنه يخالف، بفصل عام، متى كان، يخالف نفسه، أو غيره، بغيريّة (صفة ما هو غير، عكس هويّة)، كيف كانت المخالفة. فإن سقراط، يخالف أفلاطن، بالغيرية، ويخالف نفسه أيضا، إذ كان صبياً، فصار رجلاً، وإذا كان يعمل شيئا، وأمسك عنه، وفي اختلاف الأحوال، دائما.
ويقال في شيء، إنه يخالف غيره، بفصل خاص، متى خالفه، بعَرَض غير مفارق (حادث لا ينفصل، مُلاَزِم)، والعَرَض غير المفارق، بمنزلة القِنوة (لَهُ غَنَمٌ قُنْوَةٌ: خَالِصَةٌ لَهُ، ثَابِتَةٌ عَلَيْهِ، أَيِ اكْتَسَبَهَا)، والشُهْلَة (اختلاط اللونين)، وأثر الجرح المندمل.
ويقال في شيء، إنه يخالف غيره، بفصل خاص الخاص، متى كان يخالفه، بفصلٍ مُحْدثٍ للنوع، كالإنسان، فإنه يخالف الفرس، بفصل محدث للنوع، أعني، بطبيعة النطق.
وبالجملة، فإن كل فصل، قد يُحدث للشيء، الذي يوجد فيه، اختلافاً، غير أن الفصل الخاص، والعام، يحدثان غيرا، وخاص الخاص، يحدث آخر، وذلك أن من الفصول، ما يحدث غيرا، ومنها ما يحدث، آخر.
فالتي تحدث، آخر، سميت، فصولا محدثة للأنواع، والتي تحدث، غيرا، تسمى، فصولا على الإطلاق، لأن الحيّ، إذا أضيف إليه، فصل الناطق، أحدث آخر، ونوعا للحيّ، فأما فصل التحرك، فإنه إذا أضيف، إلى الحيّ، يجعله، غير الساكن، فقط.
فمن الفصول إذاً، ما يحدث آخر، ومنها، ما يحدث غيراً فقط.
فالفصول، التي تحدث آخر، بها، تكون قسمة الأجناس، إلى الأنواع، وبها، تستوفى الحدود، إذا كانت من جنس، ومن أمثال هذه الفصول.
فأما الفصول التي تحدث غيراً، فإنها تحدث عنها، غيرية فقط، وتغايير الأحوال.
فينبغي، أن يُبتدأ، من فوق أيضا، فأقول: إن الفصول، منها، ما هي مُفارقة، ومنها، غير مفارقة (حادث لا ينفصل، مُلاَزِم).
فالتحرك، والسكون، وأن يَصِحّ الإنسان، ويمرض، وما أشبه ذلك، فصول مفارقة.
فأما، أن يوجد، أقنى (من قني، وقني الأنف، أي ارتفع وسط قصبته، وضاق منخراه) أو أفطس، أو ناطق أو غير ناطق، ففصول غير مفارقة.
ومن غير المفارقة، ما توجد بذاتها، ومنها، على طريق العَرَض. وذلك، أن الناطق، موجود للإنسان بذاته، وكذلك المائت، وقبول العلم. فأما أن يكون، أقنى أو أفطس، فعلى طريق العَرَض، لا بذاته. فالتي توجد، لشيء بذاتها، فقد توجد، في قول الجوهر، وتحدث آخر، فأما التي هي، على طريق العرض، فليست توجد، في حد الجوهر، ولا تحدث آخر، بل إنما تحدث، غيرا فقط. والتي توجد بذاتها، لا تقبل، الأكثر والأقل، فأما التي هي، على طريق العرض، فإنها تقبل، الزيادة والنقصان، وإن كانت، غير مفارقة، وذلك، أن الجنس، لا يُحمل، على ما هو له جنس، بالأكثر، والأقل، ولا فصول الجنس، أيضا التي بها ينقسم، لأن هذه الفصول، هي المتممة، لحدِّ كل واحد، والوجود، لكل واحدٍ، واحدٌ بعينه، غير قابل، للزيادة والنقصان، فأما، أن يكون أقنى، أو أفطس، أو ملونا بضرب من الألوان، فقد يزيد، وينقص.
فإذا كنا، نجد، أنواع الفصل، ثلاثة، وكان منها، ما هو مفارق، ومنها، غير مفارق، ومن غير المفارق أيضا، منها، ما هي بذاتها، ومنها، ما هي على طريق العَرَض، فالفصول أيضا، التي هي بذاتها، منها، ما بها تُقَسِّم الأجناس، إلى الأنواع، ومنها، ما بها تصير المنقسمة، أنواعا.
مثال ذلك، أنه، لما كانت، الفصول الموجودة للحيّ (جنس)، بذاتها، هي هذه: المُتنفِّس والحساس، والناطق وغير الناطق، والمائت وغير المائت، صار فصلا، المتنفس والحساس، مقومين (مُقوِّم: مَنْ يعطي قيمة) لجوهر الحيّ، لأن الحيّ، هو جوهر حساس متنفس، فأما فصول، المائت وغير المائت، والناطق وغير الناطق، فمقسمة للحيّ، لأنها، تقسم الأجناس، إلى الأنواع.
غير أن، هذه الفصول، المقسمة للأجناس، قد تكون، متممة ومقومة، للأنواع. لأن الحيّ (جنس)، يَنْقَسم بفصل الناطق، وفصل غير الناطق، وبفصل الميت أيضا، وغير الميت. ولكنَّ، فصلي المائت والناطق، مقومان للإنسان (نوع). وفصلي، غير الناطق والمائت، مقومان للحيوانات.
وكذلك أيضا، الجوهر الأعلى (أعلى من الحيّ)، لما كانت له، فصول تقسمه، وهي: المتنفس وغير المتنفس، والحساس وغير الحساس، صار فصلا: المتنفس والحساس، إذا حصلا مع الجوهر، أحدثا الحيّ.
فلأن هذه الفصول، بأعيانها، إذا ما أخذت، بنحو من الأنحاء، تكون مقومة، وإذا أخذت بنحو آخر، تصير مقسمة، سميت بأجمعها، محدثة الأنواع.
والحاجة، في قسمة الأجناس، والحاجة، في الحدود، إنما هي، إلى هذه الفصول، غير المفارقة (التي هي بذاتها).
التي على طريق، العَرَض والحدود، فأحرى، ألا تحتاج، إلى المُفارقة.
وقد يحٌدّون هذه الفصول، فيقولون: إن الفصل، هو الذي به، يَفضُل (يتميَّز) النوع، على الجنس.
وذلك، أن الإنسان، له شيء يفضل به، على الحيّ، وهو، الناطق والمائت، لأن الحيّ، ليس هو واحدا، من هذين، وإلا، فمن أين اقتنت، الأنواع فصولا؟ ولا الفصول، أيضا المُتقابِلة (جَلَسَ فِي الاتِّجَاهِ الْمُقَابِلِ: فِي الجَانِبِ، الْمُوَاجِهِ)، بأجمعها له (للحيّ)، وإلا صارت، الفصول المتقابلة لشيء واحد بعينه، معا، ولكن، الفصول التي تحته، هي له بأجمعها، بالقوة (احتمالا، متاح)، على حسب ما يعتقدون، فأما بالفعل، فليس هي له، ولا واحد منها، وعلى هذه الجهة، لا يكون شيء من أشياء، غير موجودة، ولا تكون المتقابلات، في شيء واحد بعينه، معا.
وقد يَحُدُّون، الفصل أيضا، على هذه الجهة: الفصل، هو المحمول، على كثيرين مختلفين بالنوع، من طريق، أي شيء هو.
لأن، الناطق والمائت، محمولان على الإنسان، ويقال الإنسان بهما، من طريق أي شيء هو، لا من طريق ما هو. وذلك، أنا إذا سئلنا عن الإنسان، ما هو؟ فالأولى أن نقول: إنه حيوان. وإذا سئلنا عنه، أي شيء هو؟ فإنَّ الأولى، أن نصفه بأنه ناطق مائت.
وذلك، أن الأشياء، مقَّوَّمة من مادة وصورة، أو من أشياء قوامها، مما هو نظير للمادة والصورة، فكما أن التمثال، من مادة، أي من النحاس، ومن صورة، أي من شكل التمثال، كذلك الإنسان أيضاً، العام والنوعي، فإنه من شيء، نظير للمادة، وهو الجنس، ومن صورة، وهي الفصل، وهذه الجملة، أعني: حياً ناطقاً مائتاً، هي الإنسان، كما أن تلك، هي التمثال.
وقد يرسمون، أمثال هذه الفصول، أيضا هكذا: الفصل، هو الذي من شأنه، أن يَفْرِق، بين ما تحت جنس واحد بعينه، لأن، الناطق وغير الناطق، يفرقان بين الإنسان والفرس، اللذين هما تحت جنس واحد، أي الحيّ.
وقد يصفونه أيضا، بهذه الصفة: الفصل، هو ما به تختلف أشياء، ليست تختلف، في الجنس.
فإن الإنسان، والفرس، لا يختلفان في الجنس، لأنا، نحن وغير الناطقين، حيوان، ولكن، إذا أضيف إلى الحيوان، الناطق، فَصَلنا منها، ونحن والملائكة، ناطقون، ولكن، إذا أضيف إلينا، المائت، فصلنا منهم.
ولما زادوا، في شرح أمر الفصل، قالوا: إن الفصل، ليس هو أي شيء اتفق، مما يفرق بين أشياء، تحت جنس واحد بعينه، لكن، هو الشيء النافع، في الأنية (الأنا)، وفيما هو الشيء، والشيء الذي هو جزء، من المعنى.
لأن، ليس قولنا في الإنسان، أن من شأنه استعمال الملاحة، فصلا له، وإن كان خاصا، للإنسان، لأنه، لو كان فصلا للإنسان، لقد كنا نقول، إن من الحيوان، ما من شأنه، استعمال الملاحة، ومنه، ما ليس من شأنه، ذلك، فنفصله، من سائر الحيوان، ولكن قولنا، إن من شأنه استعمال الملاحة، لم يكن متمما للجوهر، ولا جزءا له، ولكنه تهيؤ، للجوهر فقط، بسبب أنه ليس هو من الفصول، التي توصف، بأنها محدثة للأنواع.
فالفصول إذاً، المحدثة للأنواع، هي التي تحدث، نوعا آخر، والتي توجد، فيما هو الشيء، وقد نكتفي في الفصل، بهذا المقدار.
وقد يقسمون الخاصة (خَاصَّة الشيءِ: ما يَخْتَصُّ به، دون غيره)، على أربع جهات.
وذلك، أن منها، ما يَعرِض، لنوع ما وحده، وإن لم يعرض، لكله، كالطب والهندسة، للإنسان.
ومنها، ما يعرض، للنوع كله، وإن لم يعرض، له وحده، كذي الرجلين، للإنسان.
ومنها، ما يعرض، للنوع وحده، ولجميعه، وفي بعض الأوقات، كالشَّمَطُ (اختلاط بياض الشَّعرِ، بسوادِه)، لجميع الناس، في وقت الشيخوخة.
والخاصة الرابعة، هي التي يجتمع فيها، أنها تعرض، لجميع النوع، وله خاصةً، وفى كل وقت. كالضحك للإنسان، وإن لم يضحك دائما، ولكن، يقال له ضحاك، من طريق، أن من شأنه أن يضحك، لا لأنه يضحك دائما، وهذه الخاصة، أبداً هي غريزية فيه، كالصهيل، للفرس.
ويسمون هذه خواصاً، على الحقيقة (بحصر المعنى)، لأنها تنعكس (ينقلب الوضع)، وذلك، أنه إن كان الفرس موجوداً، فالصهيل موجود، وإن كان الصهيل موجوداً، فالفرس موجود.
والعَرَض، هو ما يكون، ويَبطُل (يسقُط)، من غير فساد، الموضوع، له.
وهو ينقسم قسمين، وذلك، أن منه مُفارقا، ومنه، غير مُفارق.
فإن النوم، عَرَض مفارق، والسواد، عرض غير مفارق، للغراب والزنجي، وقد يمكن، أن يتوهم، غراب أبيض، وزنجي، قد ذهب عنه لونه، من غير فساد الموضوع.
وقد يحدونه أيضا، بهذا الحد: العرض، هو الذي يُمكن فيه، أن يوجد (ينتمي) لشيء واحد بعينه، وألا يوجد، أو هو، الذي ليس بجنس، ولا فصل، ولا نوع، ولا خاصة، وهو أبداً قائم، في موضوع.
فإذ، قد حُددت، ومُيزت، جميع الأشياء، التي قصدنا نحوها (قصدها)، أعني، الجنس، والفصل، والنوع، والخاصة، والعرض، فينبغي أن نقول، ما الأشياء التي تعمها، وما التي، تخصها.
٧ - في المشترك بين الألفاظ الخمسة
فالعام، لها كلها، هو أنها، تُحمل على كثيرين، غير أن، الجنس، يحمل على الأنواع والأشخاص، والفصل، أيضا يحمل على ذلك المثال، والنوع، يحمل على الأشخاص التي تحته، والخاصة، تحمل على النوع، التي هي له خاصة، وعلى الأشخاص، التي تحت ذلك النوع، والعرض، يحمل على الأنواع وعلى الأشخاص.
وذلك، أن:
- الحيّ، يحمل على الخيل وعلى الكلاب، إذ هي أنواع، وعلى الفرس المشار إليه، وعلى الكلب المشار إليه، إذ هما شخصان.
- وغير الناطق، يحمل، على الفرس والكلب، وعلى الجزئيين منهم.
- فالنوع، كأنك قلت، الإنسان، يحمل على الجزئيين من الناس، فقط.
- والخاصة، كالضحك، تحمل على الإنسان، وعلى الجزئيين من الناس.
- والأسود، يحمل على نوع الغربان، وعلى الجزئيين من الغربان، وهو عَرَض، غير مفارق. والتحرك، هو يحمل على الإنسان، وعلى الفرس، وهو عَرَض، مفارق، ولكنه يحمل أولاً، على الأشخاص، ويحمل ثانياً، على الأشياء (الأنواع)، التي تحوي الأشخاص.
٨ - في المشترك بين الجنس والفصل
فالشيء العام، للجنس والفصل، هو، أنهما يحويان، أنواعا، وذلك، أن الفصل أيضا، يحوي أنواعا، وإن لم يكن يحوي، جميع ما تحويه، الأجناس.
وذلك، أن الناطق (فصل)، وإن لم يكن يحوي، غير الناطق، كالحيوان، فإنه يحوي، الإنسان والملك، اللذين هما، أنواع.
وأيضا، فكل ما يُحمل، على الجنس، من طريق ما هو جنس، فإنه يحمل، على ما تحته من الأنواع، وكل ما يحمل، على الفصل، من طريق ما هو فصل، فإنه يحمل، على النوع، الذي عنه تحدث.
فإن الحيّ، الذي هو جنس، من طريق ما هو جنس قد يُحمل عليه، الجوهر والمتنفس، وهذان أيضا، قد يحملان، على جميع الأنواع، التي تحت الحيّ، إلى أن يُبلغ، إلى الأشخاص.
والناطق، إذ هو فصل، قد يُحمل عليه من طريق ما هو فصل، استعمال النطق، وليس، إنما يحمل، استعمال النطق، على الناطق فقط، لكنه، قد يُحمل أيضا، على الأنواع، التي تحت الناطق.
ويعم، الجنس والفصل، أنهما أيضا، إذا ارتفعا (حذفا، أُسقطا)، ارتفع، ما تحتهما. فكما أنه، متى لم يوجد، حيوان، لم يوجد، فرس ولا إنسان، كذلك، متى لم يوجد ناطق، لم يوجد شيء، من الحيوان المستعمل، للنطق.
٩ - في الاختلاف بين الجنس والفصل
والشيء، الذي يخص الجنس، هو، أنه يحمل، على أكثر مما يُحمل عليه، الفصل والنوع والخاصة والعرض.
وذلك، أن الحيوان (جنس)، يُحمل على الإنسان، وعلى الفرس، والطير، والحية. وذو أربع (خاصة)، إنما يحمل، على ما له، أربعة أرجل فقط. والإنسان (نوع)، يحمل على الأشخاص، وحدها. والصهيل، يحمل على الفرس، وعلى الجزئيين. والعرض، على ذلك المثال، يحمل، على أقل مما يحمل عليه، الجنس. وينبغي، أن تُأخذ من الفصول، الفصول، التي بها، ينقسم الجنس، لا المتممة، لجوهر الجنس.
وأيضاً، فإن الجنس، يحوي الفصل، بالقوة (احتمالا، متاح)، لأن الحيّ، منه ناطق، ومنه غير ناطق، والفصول، ليس تحوي، الأجناس.
وأيضاً، فإن الأجناس، أَقْدَمَ (أقْدَميَّة)، من الفصول، التي دونها، ولذلك، تَرْفعها (تحذفها، تُسقطها)، ولا ترتفع، بارتفاعها، لأن الحيّ، متى ارتفع، ارتفع، الناطق، وغير الناطق. وأما الفصول، فليست ترفع الجنس، وذلك، أن الفصول، إن ارتفعت كلها، بقي الجوهر، المتنفس الحساس، متوهما، وقد كان ذلك الجوهر، هو الحيّ.
وأيضا، فإن الجنس، يحمل، من طريق، ما الشيء؟ والفصل، يحمل كما قلنا، من طريق، أي شيء هو؟
وأيضا، فإن الجنس، في كل واحد من الأنواع، واحد، بمنزلة الحىّ (جنس) في الإنسان (نوع)، فأما الفضول، فأكثر من واحد، كأنك قلت، ناطق، مائت، قابل للعلم والعقل، وهذه الفصول، التي بها يخالف الإنسان (نوع)، سائر الحيوان (أنواع الحيوان).
وأيضا، فإن الجنس، يشبه المادة (مادَّةُ الشَّيْء: أُصولُهُ، وعناصرُه، التي منها يتكوَّن)، والفصل، يشبه الخِلْقة (بِنْيَة، هيئة، شكْل).
وقد توجد، للفصل والجنس، أشياء أخر، مع ما وصفنا، تعمها وتخصها، غير أنا، نكتفي بهذه.
١٠ - في المشترك بين الجنس والنوع
والجنس، والنوع، قد يعمهما، كما وصفنا، أنهما يقالان، على كثيرين.
وينبغي، أن يُستعمل النوع، على أنه نوع، لا على أنه، جنس، متى وجدنا الواحد بعينه، نوعا وجنسا.
ومما يعمهما أيضا، أنهما يتقدمان، الأشياء، التي يُحملان عليها، وأن كل واحد منهما، أيضا، كلٌّ ما.
١١ - في الاختلاف بين الجنس والنوع
ويختلفان، بأن الجنس، يحوي الأنواع، والأنواع، تُحوى من الأجناس، ولا تحوي، الأجناس، وذلك، أن الجنس، يَفْضُل على النوع.
وأيضا، فإن الأجناس، ينبغي أن تُقَدَم (أقْدَميَّة)، فتوضَعْ (ضَع الشَّيءَ: أنشأه، رسَمه)، فإذا تصورت (الأجناس) بالفصول، تحدث الأنواع.
ولذلك، ما صارت الأجناس أقدم في الطبع، وتَرْفَع، ولا تَرْتَفِع، بارتفاع غيرها.
وأيضا، فمتى وجد نوع، وجد الجنس، فأما، متى وجد الجنس، فليس يوجد النوع، لا محالة.
وأيضا، فإن الأجناس، تحمل على الأنواع، على طريق التواطؤ، فأما الأنواع، فليست تحمل، على الأجناس.
وأيضا، فإن الأجناس، تَفْضُل على الأنواع، التي دونها، باحتوائها عليها، والأنواع، تَفْضُل على الأجناس، بالفصول، التي تخصها.
وأيضا، فإنه لا النوع، يكون جنس أجناس، ولا الجنس، نوع أنواع.
١٢ - في المشترك بين الجنس والخاصة
والجنس والخاصة، يعمهما، أنهما تابعان، للأنواع، وذلك، أنه متى كان الإنسان، موجودا، فالحيّ، موجود، ومتى كان الإنسان، موجوداً، فالضحاك، موجود.
ويعمهما أيضا، أن الجنس، يُحمل على الأنواع (أنواع الجنس)، بالسوية، وكذلك الخاصة، على الأشياء التي تشترك فيها، وذلك، أن الإنسان والثور، حيوان بالسوية، وأنوطوس (Anytus) وميلوطس (Meletus)، ضحاكان بالسوية.
أيضا، أن الجنس، يحمل على الأنواع، التي دونه (الخاصة به)، على طريق التواطؤ، وكذلك تُحمل الخاصة، على الأشياء، التي هي خاصة، لها.
١٣ - في الاختلاف بين الجنس والخاصة
ويختلفان، في أن الجنس، أسبق، والخاصة، لاحقة، إذ الحيوان يوجد أولاً، ثم يقسم تبعا لفصوله وخواصه.
وكذلك، أن الجنس، يُحمل، على أنواع كثيرة، أما الخاصة، لا تُحمل، إلا على نوع واحد، الذي هي له، خاصة.
وأيضاً، فإن الخاصة، تنعكس على الشيء، الذي هي، خاصة له، فأما الجنس، فلا ينعكس، فليس يجب، إذا كان الحيوان (جنس)، موجوداً، أن يوجد الإنسان، وكذاك، ليس يجب، إذا كان الحيوان، موجوداً، أن يوجد الضحاك (خاصة)، أما، إذا كان الإنسان، موجوداً، فالضحاك، موجود، وبالعكس (إن كان الضحاك، موجود، فالإنسان، موجود).
وأيضاً، فإن الخاصة، توجد (تنتمي، تخص)، لجميع النوع الذي هي خاصة له، وحده ودائما. أما الجنس، فيوجد، لجميع النوع الذي هو جنس له، دائماً، ولكن لا للنوع وحده، كالحال، في الخاصة.
وأخيراً، فإن الخواص، إذا رفعت، فلا ترفع الأجناس، برفعها، أما الأجناس، فإنها ترفع بارتفاعها، الأنواع، التي لها، تكون الخواص، خواص، وهكذا، فإنه، إذا رفعت، التي تكون، الخواص، خواص لها، رفعت، في الوقت نفسه، هذه الخواص.
١٤ - في المشترك بين الجنس والعرض
ويعم، الجنس والعَرَض، كما قيل، انهما، يحملان، على كثيرين، أكانت الاعراض، مفارقة أم غير مفارقة. فالتحرك، يُحمل على كثيرين، والأسود، يحُمل على الغراب، والزنجي، وعلى أشياء كثيرة، غير حية.
١٥ - في الاختلاف بين الجنس والعرض
ويختلف الجنس، عن العرض، في كون الجنس، سابقا على الأنواع، وكون الأعراض، لاحقةً على الأنواع، فحتى لو أخذ، عَرَض غير مفارق، فإن الذي إليه، يضاف العَرَض، يكون أيضاً، سابقاً، على العَرَض.
وأيضا، فإن المُشارِكة، في الجنس، تُشارِك فيه، بالسوية، فأما، التي تُشارِك بالعرض، فليست، بالسوية، لان، المُشارِكة في العرض، قد تقبل، الزيادة والنقصان، فأما، المُشارِكة في الجنس، فلا.
وأيضا، فإن الاعراض، توجد في الأشخاص، على القصد الأول (بشكل أساسي)، وأما الاجناس، والانواع، فإنها، أقدم من الأشخاص، في الطبع.
وأيضا، أن الاجناس، تُحمل، على ما تحتها، من طريق، ما الشيء؟ فأما الاعراض، فتُحمل من طريق، أي شيء، أو، كيف هو كل واحد؟ لأنك، متى سُئِلت، عن الزنجي، أي شيء هو؟ قلت: أسود، ومتى سُئِلت، عن سقراط، كيف هو؟ قلت: يمشي.
فقد وصفنا، بماذا يخالف الجنس، الأربعة الباقية، وقد يلزم، أن يكون، كل واحد من الباقية، يخالف الأربعة (الباقية)، فيجب من ذلك إذ كانت خمسة، وكان واحد واحد، منها، يخالف الأربعة، أن يكون، جميع مخالفاتها، خمسة في أربعة، وذلك عشرون.
غير أنه، لما كانت الأشياء، التي، تعد على الوَلاء (متتابعين)، الثواني منها، تنقص واحدا ً، من قِبل، أنه قد حصل، والثوالث، اثنين، والروابع، ثلاثة، والخوامس، أربعة، صارت المخالفات، بأسرها: عشراً، (جمع) أربع، ثلاث، اثنتان، واحدة.
وذلك، أن الجنس، يخالف: الفصل، والنوع، والخاصة، والعرض، فمخالفاته إذن، أربع.
فأما الفصل، فقد وصفنا، بماذا يخالف الجنس، حين وصفنا، بماذا يخالفه، الجنس، فقد بقي لنا إذن، أن نصف، بماذا يخالف الفصل: النوع، والخاصة، والعرض، فيكون من ذلك، ثلاث مخالفات.
وكذلك النوع، أيضاً، أما بماذا يخالف الفصل، فنكون، قد وصفناه، حيث وصفنا، بماذا يخالف الفصل، النوع، فأما، بماذا يخالف الجنس، فحيث وصفنا، بماذا يخالف الجنس، النوع، فيبقى علينا، أن نصف، بماذا يخالف النوع، الخاصة والعرض، فيكون من ذك، مخالفتان.
ويبقى علينا، أن نصف، بماذا تخالف، الخاصة، العرض، لأنا، قد تقدمنا ووصفنا، بماذا تخالف الخاصة: الفصل، والنوع، والجنس، في وصفنا مخالفة، هذه، تلك.
فلما كانت، المخالفات، بين الجنس، وبين الباقية، أربعا، وبين الفصل، وبينها، ثلاثا، وبين النوع، وبينها، اثنتين، وبين الخاصة، والعرض، واحدة، صار جميع المخالفات، عشر، أربع منها، وهي المخالفات، بين الجنس، وبين الباقية، قد بيناها، فيما قبل.
١٦ - في المشترك بين الفصل والنوع
فالشيء العام، للفصل والنوع، هو أن الأشياء، التي تَشتَرِك فيها، تَشتَرِك بالسوية، وذلك، أن الناس الجزئيين، يشتركون، في الإنسان، وفى فصل الناطق، بالسوية.
ويعمهما أيضا، أنهما يوجدان، للأشياء التي تشترك فيهما دائما، فإن سقراط، ناطق أبدا، وإنسان أبداً.
١٧ - في الاختلاف بين النوع والفصل
ويخص الفصل، أن يُحمل، من طريق، أي شيء؟ ويخص النوع، أنه يُحمل، على طريق، ما الشيء؟ وذلك، أن الإنسان، وإن كان قد يوجد (حَصَلَ وُجُودُهُ) من طريق أي شيء، غير أنه ليس هو على الإطلاق أي شيء، لكن من قبل، أن الفصول لما دخلت على الجنس، قومته، أي قومت (أَحْدَث) النوع.
وأيضا، فإن الفصل، في أكثر الأمر، يوجد في أنواع أكثر من واحد (أنواع عديدة)، كذي أربعة أرجل، في حيوانات (جنس) كثيرة، مختلفة بالنوع، والنوع، إنما هو في الأشخاص، التي تحته، فقط.
وأيضا، فإن الفصل، أقدم من نوعه، وذلك، أن الناطق، يرفع الإنسان، بارتفاعه، والإنسان، لا يرفع الناطق، بارتفاعه، عند وجود المَلَك.
وأيضا، فإن الفصول، تأتلف مع فصل آخر، فإن الناطق والمائت، قد ائتلفا، لقوام الإنسان. فأما النوع، فلا يأتلف مع نوع، حتى يحدث عنهما، نوع آخر، فإن فرساً ما، مع حمار ما، قد يجتمعان، لكون البغل، فأما فرس على الإطلاق، فليس يجتمع، مع حمار، فيحدث عنهما، بغل.
١٨ - في الخواص المشتركة بين الفصل والخاصة
ويعم، الفصل والخاصة، أن الأشياء، التي تشترك فيهما، تشترك بالسوية، فإن الناطقين، ناطقون بالسوية، والضحاكين، ضحاكون بالسوية.
ويعمهما أيضا، أنهما يوجدان، للشيء (للنوع) دائما، ولجميعه، وذلك، أن ذا الرجلين، وإن عدم رجلين، فقد يوصف، بأنه ذو رجلين، دائما، من قبل أنه مطبوع، على ذلك، لأن الضحاك، أيضا إنما يوصف، بأنه ضحاك أبدا، من قبل أنه مفطور، على ذلك، لا من قبل، أنه يضحك أبداً.
١٩ - في الاختلاف بين الخاصة والفصل
ويخص الفصل، أنه يقال، على أنواع كثيرة، في أكثر الأمر، بمنزلة الناطق، فإنه يقال، على المَلَك وعلى الإنسان، والخاصة، إنما تقال، على نوع واحد، وهو النوع، الذي هي له خاصة.
والفصل، يتبع أبدا، تلك الأشياء، التي هو لها فصل، إلا أنه، لا ينعكس، فأما الخواص، فإنها تكافئ في الحمل، الأشياء، التي هي لها خواص، من قبل، أنها تنعكس، عليها.
٢٠ - في المشترك بين الفصل والعرض
ويعم، الفصل والأعراض غير المفارقة، أنهما يوجدان، فيه دائما، ولجميعه. وذلك أن، ذا الرجلين، يوجد دائما للغربان، وعلى ذلك المثال، يوجد لها، السواد.
٢١ - في الصفات الخاصة بالفصل والعرض
ويختلفان، في أن الفصل، يَحوي، ولا يُحوى، وذلك، أن الناطق، يحوي الإنسان، فأما الأعراض، فإنها من وجهٍ، تَحوي (تَضمُن)، من قبل، أنها في كثيرين، ومن وجه تُحوى (تُضمَن)، أعني من قبل، أن الموضوعات (الأشياء)، ليست قابلة، لعَرَض واحد، بل لأعراض كثيرة.
والفصل، فلا يقبل، الزيادة والنقصان، والأعراض، تقبل الزيادة والنقصان.
والفصول المتضادة، فغير مختلطة (لا تخلط، لا تجتمع)، والأعراض المتضادة، قد تختلط.
فهذه هي الأشياء، التي تعم الفصل، وسائر الباقية، وتخصها.
فأما النوع، فقد وصفنا، بماذا يخالف، الفصل والجنس، حيث وصفنا، بماذا يخالف، الجنس الباقية، وبماذا يخالفها، الفصل.
٢٢ - في المشترك بين النوع والخاصة
ويعم، النوع والخاصة، أن أحدهما، يكافئ، الآخر في الحمل، وذلك، أن الإنسان، إذا كان موجودا، فالضاحك موجود، والضاحك، إذا كان موجودا، فالإنسان موجود، والضاحك، فقد وصفنا غير مرة، أنه ينبغي، أن يستعمل، على أنه بالقوة (احتمالا، متاح).
والأنواع، فتوجد دائما، للأشياء التي تشترك فيها، وكذلك توجد (تشترك) الخواص، للأشياء، التي هي لها، خواص.
٢٣ - في الاختلاف بين النوع والخاصة
ويخالف، النوع، الخاصة، في أن النوع، يمكن، أن يكون جنسا، لآخرين، والخاصة، فليس يمكن، أن تكون خاصة، لآخرين.
والنوع، يتقدم وجوده، وجود الخاصة، والخاصة، يتبع وجودها، وجود النوع، وذلك، أنه ينبغي، أن يوجد الإنسان، ثم، يكون ضاحكا.
وأيضا، فإن النوع، يوجد للموضوع، دائما بالفعل، والخاصة، إنما توجد، في بعض الأوقات وبالقوة (في بعض الأوقات بالقوة)، فإن سقراط، أبداً إنسان، وبالفعل، وليس يضحك أبدا، بالفعل، وإن كان ضاحكا أبداً، بالقوة.
وأيضا، فإن الأشياء، التي حددوها مختلفة، فهي مختلفة. وحد النوع، هو: المرتب، تحت الجنس، والمحمول، على كثيرين مختلفين بالعدد، من طريق، ما الشيء، وما أشبه ذلك. وحد الخاصة، أنها: التي توجد، للشيء (للنوع) وحده، ولجميعه، ودائما.
٢٤ - في المشترك بين النوع والعرض
ويعم، النوع والعرض، أنهما يُحملان، على كثيرين. وما يعمهما، فيسير جداً، وذلك، لكثرة التباعد، بين العَرَض، والشيء، الذي يَعرِض له.
٢٥ - في الاختلاف بين النوع والعرض
ويخص، كل واحد منهما، أن النوع، يحُمل، على ما هو له نوع، من طريق: ما هو؟ ويخص العرض، أنه يُحمل، من طريق: أي شيء، أو كيف هو؟
وأن كل واحد، من الجواهر، إنما له، نوع واحد، وله أعراض كثيرة، مفارقة، وغير مفارقة.
وأن الأنواع، تقع في الوهم (تُتَصَوَّر، مَظنُون، مُتَخَيّل)، قبل الأعراض، وإن كانت (الأعراض) غير مفارقة، وذلك، أنه قد ينبغي، أن يوجد الموضوع، حتى يَعرَض له، شيء من الأشياء، فأما الأعراض، فحدوثها، بعد الأنواع، وطبيعتها، دخيلة.
والاشتراك في النوع، بالسوية، والاشتراك في العرض، ليس بالسوية، وإن كان، غير مفارق، وذلك، أنه قد يكون، لون زنجي، أكثر وأقل، من لون زنجي، في السواد.
وقد بقي علينا، أن نصف، أمر الخاصة، والعرض، وذلك، أنا قد وصفنا، بماذا تخالف، الخاصة، النوع والفصل والجنس.
٢٦ - في المشترك بين الخاصة والعرض غير المفارق
فالشيء، الذي يعم، الخاصة، والعرض غير المفارق، أن من دونهما، ليس يمكن، أن توجد تلك الأشياء، التي يوجدان فيها، وذلك، أنه، كما أن الإنسان، لا يوجد، من دون الضاحك، كذلك، لا يمكن أن يوجد، الزنجي، من دون السواد.
وكما أن الخاصة، توجد، للشيء (للنوع) كله ودائما، كذلك، العرض غير المفارق.
٢٧ - في الاختلاف بين الخاصة والعرض غير المفارق
ويختلفان، في أن الخاصة، توجد للنوع وحده فقط، كالضاحك، للإنسان، والعرض غير المفارق، كأنك قلت، السواد، فليس يوجد، للزنجي وحده، بل قد يوجد أيضا، للغراب، والفحمة، والأبنوس، ولأشياء غير متنفسة.
وذلك، أن الخاصة، قد تُكافئ في الحمل، ما هي له خاصة، وأما العرض غير المفارق، فليس يكافئ في الحمل، الشيء الذي يوجد له.
الذي يوجد له. ولما كانت الخاصة، لنوع واحد، ولجميعه، صارت تنعكس، وتحمل بالسوية، والاشتراك في الخواص، بالسوية، فأما الاشتراك، في الأعراض، فقد يكون، بالأكثر والأقل.
وقد توجد لها، أشياء أُخر، تعمها وتخصها، غير التي وصفنا، ولكن، هذه كافية، في التمييز بينها، والوقوف، على اشتراكها.