وفي الغد، قالت لُبَابَة: بلغني، أيها الملك السعيد، أن الملك فامان، قال لوزيره: أيها الوزير، أنت دخلك الحسد، فتريد أن أقتل، الحكيم رَويَان، وبعد ذلك أندم، كما ندم الرجل، على قتل الببغاء.
قال الوزير: وكيف كان ذلك؟
قال الملك: ذُكِر، أنه كان رجلا، شديد الغيرة، وكان له امرأة، ذات حسن وكمال، وبهاء وجمال، وكانت تمنعه أن يسافر عنها، فوقعت له ضرورة الى السفر، فمضى الى سوق الطير، واشترى ببغاء، وجعله في بيته، يكون رقيبه في غيبته، ويحدثه ما جرى في بيته.
فلما سافر، وقضى أعماله، ورجع من سفره، احضر الببغاء بين يديه، وسأله عن حال زوجته، في غيبته، فأخبره فيما فعلت مع صديقها، وما جرى بينهم في غيابه، يـوماً بيوم، فلما سمع ذلك، قام الى زوجته، وأشبعها ضرباً، وغضب غضبا شديداً، فظنت الامرأة، أن بعض جوارها، قد حدثت زوجها، وعرفته فيما جرى، بينها وبين محبها، فأخذت تُقِرّ الجَارِيَاتٌ، جارية بعد جارية، وحلفوا لها، أن الببغاء، هو الذي أخبره بكل شي، ونحن قد سمعناه.
فلما سمعت الامرأة ذلك، وعند غياب زوجها، في ليلة في أعماله، أمرت جارية، ان تأخذ طاحُونَةٌ، تقلبها تحت القفص، وجارية غيرها، ترش الماء، من فوق القفص، وجارية تجري بالمرآة، طوال الليل، يميناً وشمالاً، تبرق ضوء شمعة، في وجه الببغاء.
فلما أصبح الصباح، احضر زوجها الببغاء بين يديه، وسأله عما جرى تلك الليلة، في غيابه، فقال له: اعذرني، فاني لا اسمع، ولا أبصر، من شدة الظلام، والمطر والرعد والبرق، طوال الليل، الى الصباح.
وكان ذلك الفصل، أوان الصيف، فقال الزوج: ويلك، ما هذا أوان المطر.
قال الببغاء: لقد كنت أبصرها، في هذه الليلة جميعها، ما ذكرت لك.
فعلم الزوج، أن الببغاء، قد كذب على امرأته، فيما ذكر له عنها، أول مرة، فغضب، فمد يده واخرجه من القفص، وضربه في الارض فقتله.
ومات الببغاء، ثم، انه بعد ذلك، علم الزوج، صحة كلام الببغاء، عن زوجته، من الجيران، والحيلة التي عملتها امرأته، فندم على قتله، حيث لا ينفع الندم، وهكذا أنا، أيها الوزير.
فلما سمع الوزير، كلام الملك فامان، قال له: أيها الملك العظيم الشأن، وما الذي فعله الحكيم رَويَان، من المضرة معي، حتى أريد قتله؟ إنما أنا، أنصحك، شفقة عليك، وخوفاً، أفعل معك هذا، وستعلم صحةَ ذلك، فإن قبلتَ مني، نجوتَ، وإلا، طلب هلاكك، كما طلب الوزير، هلاك ابن الملك.
قال الملك فامان: وكيف كان ذلك؟