اللحوم في العصر الرابع بعد الهجرة أي العاشر ميلادي

اللحم أقوى الأغذية كلها، وأكثرها غذاء، ويقوي البدن، ومن أدمنه كثر فيه الامتلاء، وقد يحتاج الى العلاج.

وأما اللحوم المسنة الهرمة، والأجنة التي تستخرج من بطون الحيوانات فرديئة، لا خير في أكلها.

وكلما كان الحيوان أطرى وأرطب، كان لحمه أجود. وكلما كان أسن، كان لحمه أيبس.

واللحم الأحمر أغذى من السمين، وأشد تقوية للمعدة، وقليل ما لا فائدة فيه.

واللحم السمين، أقل إغذاء من اللحم المُجَزَّع، و اللحم المُجَزَّع هو الذي فيه بياض وحمرة.

والغليظ من اللحم يصلح لمن يكد ويتعب. واللطيف بالضِّد.

و أكثر اللحوم جودة هي لحم الجدي، والجدي هو ولد الماعز، ثم يليه لحم الحمل، الذي هو اغلظ.

اما البقر فلحمه غليظ، كثير الإغذاء، وهو أفضل من لحم الفرس، ومن لحم الإبل.

وأما لحوم الظباء، فإنها أصلح لحوم الصيد، وأما لحوم التيوس الجبلية: فإنها أغلظ.

كما هنالك لحم الماعز، والحمر الوحشية، الأرانب.

والنمكسود هو لحم يقطع طوابيق، ويشد بالملح في ألواح وينشر حتى يذهب ماؤه وينشف، فإذا احتيج إلى شيء منه، بل بالماء وأصلح. وإنما يستعمل كذا ليسافر به ولا يفسد.

اما اجود لحوم الطير فهو لحم الطَّهيوج، و الطَّهيوج هو طائر شبيه بالحجل الصغير، غير أن عنقه ومنقاره ورجلاه حمر، وما تحت جناحيه أسود وأبيض.

ويماثله لحم الدُّرّاج، والدُّرّاج هو نوع من الطَّير في حجم الحمام، متثاقل المشي.

ثم يلي ذلك لحم الدجاج ثم التُّدْرُج الذي هو جنس طير من فصيلة الدجاجيات.

اما لحم الحجل فهو أغلظ وهو ممسك للبطن، ويماثله لحم القَنابر الذي هو طائر صغير، على رأسه قنزعة شبيهة بما للطاووس.

ولحم النعام بطيء في المعدة، وقوانص النعام ألطف من لحمه وأنفع، والتخمة من لحم النعام خطر.

وأما لحم الكَراكي، والكركي هو طَائِر كَبِير، طَوِيل الْعُنُق وَالرّجلَيْنِ، فعَضَلٌ جداً، ولا يطيب حتى يُعلَّق و يرسب ثُفْلُه ويعلو صفوهُ، وتُسلّ عروقه. وأطيب شيء في الكراكي قانصته.

وفي الكراكي خاصية عجيبة، أنه يعول والديه إذا كبرا، ولا يعرف ذلك إلا في الوعل، و الوعل هو تيس الجبل.

وعاتب محمود بن الحسين ابنه على قلة بره له، قال:
أتجِدْ فيَّ خَلّةً للكَراكي
وأجِدْ فيك خَلَّةَ الوَطواطِ
أنا إنْ لم تَبرَّني في غَناءٍ
وببرّي ترجو جَوازَ الصِّراطِ

كما هنالك لحوم العصافير، والفراخ، والبط ، والطيور الجبلية.

المصادر:
كتاب الطبيخ لابن سيار الوَرَّاق 940م