ابن وحشية و الكتابة

المصريين القدماء، والانباط، هم الامم التي اخذت عنها سائر الأمم، الحادثة بعدها، والى يومنا هذ، الكتابة.

والانباط، سموا بذلك لخبرتهم باستنباط الماء، وإنباطه من جوف الأرض، ولَهُم خبْرَة بعمارة الْأَرْض، وزراعتها، وهؤلاء أقوام يَنْزِلُونَ العراق و الشام.

فأول قلم هو الذي كتب به على الطين، واحرق بالنار، فصار فخارا.

اول قلم

وانتقل القلم المصري، الذي كان يستعمل في مصر، الى بلاد الهند و الصين، و غيرها من الأقلام الفرعية، استنبطت من الأقلام الاصلية، كاللاتيني من اليوناني، واليوناني من المصري، وغيرها.

وذكر ابن وحشية، القرن الثالث بعد الهجرة أي التاسع ميلادي، ان الحروف الهيروغليفية لها قيمة لفظية، حيث ان الحروف قد تجتمع، لتشكل كلمة، مثلا، الاحرف " ف م" تشكل الكلمة اللفظية فم.

Hieroglyphic phonetic value

فهذه جملة الحروف، وعدتها ثمانية وثلاثين حرفاً، لان فيها حروف لا توجد في اللسان العربي، وهي أيضا بخلاف قاعدة ابجد، بل مرتبة على حسب نطق لسانهم.

وقراءتها بقاعدة اصطلاحهم: ايهوم، يووق، قاا، غيوا، بيدم، كاغج، رون، حبهوم، شاء، دنز، مايب، تنرس، هين، ثاند، ووآود، سبرم، خيوري، زيد، لوغف، عي، ظيوم، صيقام، ذلب، طقر، حيست، فيست، ضمنز، جل، فم، نيئم، بب، كأل، ظيمب، هاءم، جبلت، جزز، زايغ.

وبالإضافة الى القيمة اللفظية، اعتبر ابن وحشية، ان للحروف الهيروغليفية قيمة رمزية.

فقد قال انهم وضعوها على هيئة الرسم، والمثال بأنواع الآلات، والأشجار، والنبات، والحيوانات، والطيور، وبعض اجزاء منها، وبعض صور من الكواكب، والنجوم، فلذلك لا تعد كثرة، ولا تحصى.

وهي انهم عرفوا الأشياء الطبيعية بحسب عقولهم، كما ينبغي، ورأوا ان يرتبوا كل مادة منها، شكلاً مناسباً لماهيته، تدل بصورتها على تلك الذات.

مثاله، يجعلون صورة شكل، يدل على انه الاسم مطلقا، فاذا اضافه شيء من اسماء الصفات، لحقوا بذلك الشيء الاصلي جزاً من شكل اخر، ويتموه بحسب ما أرادوا، على هذا الوصف.

وربما يجعلون للشكل الواحد معنيين، او ثلاثة، فأكثر، بحسب الاصطلاح.

وقال ان الحروف الهيروغليفية، قلم على البرابي، والهرمات، والنواويس، والاحجار، والهياكل القديمة، من زمن الفراعنة الأول. وقلم يكتبون به كتب دعواتهم، التي يقرونها في هياكلهم، قدام اصنامهم. وقلم كتبت به جميع العلوم، وقلم استعملته العامة.

واما قاعدة النبط ، فيقولون ان كل شكل صورة، تدل على اسرار ما خفي من بواطنها.

مثال ذلك، إذا ارادوا ان يصفوا ملكا شجاعاً، ذو هيبة، ومكر، وبخل، يجعلون صورة انسان رأسه كرأس اسد، وبين يديه ذئب، يشير اليه بإصبع واحد.

وهذه ، من جملة أقلامهم المكتوبة.

والقلم الكوفي، وهو المسمى بالسوري، هو اول العربية، وتنوع وصار تسعة أنواع، وهو الاصل فيها، وهنالك أيضا القلم المغربي، وهو الاندلسي.

ومن الأقلام ما رمزت به كتب الأرصاد، مثل أقلام الكواكب، زحل، المشتري، المريخ، الزهرة، عطارد، القمر، والشمس. وهذه هيئة قلم الشمس، سلطان الفلك.

قلم الشمس

ومن الأقلام ما استعمل لتلغيز، او تشفير ما يكتب به.

تلغيز، او تشفير

ومن الأقلام ما استعمل في علم الفلك .

في علم الفلك

والقلم اليوناني هيئته:

اليوناني

والقلم السرياني هيئته:

السرياني

والقلم المسند هيئته:

المسند

وبراعة الاكراد الأول، كانت في صناعة الفلاحة، وخواص النبات. والقلم التي كتبت به علومها، به باق من حروف، لا مثال في لغة، ولا قلم، ولا نطق، وهو التالي:

الاكراد