ثوم

اول اضراب عن العمل موثق عرفه التاريخ، قام به المصريون القدماء، الذين كانوا يبنون الاهرامات، حيث انه تم تخفيض حصصهم من الثوم، فقاموا بالتوقف عن العمل، للحفاظ على حقوقهم، كما روى المؤرخ هيرودوت.

وكان المصريون القدماء دائما يسعون الى العلا، فهم بناؤو الاهرامات، وظنوا ان للثوم فوائد عدة، وانه يساعد في تقوية الجسد، فكان هذا الفكر دواء لعلاج العديد من الامراض، كارتجاف الأطراف، وتنظيم الدورة الشهرية، في بردية إبيرس ، التي يعود تاريخها الى عام ٢٢٣٧ قبل الهجرة، اي ١٥٥٠ قبل الميلاد.

اما في بلاد ما بين النهرين، فقد وجدت أقدم الوصفات لتحضير الطعام في العالم، وهي عبارة عن أربعة الواح مسمارية، ثلاثة يعود تاريخها الى ما قبل ١٧٣٠ قبل الميلاد، اي ٢٤٢٤ قبل الهجرة، وواحدة يعود تاريخها الى ألف عام لاحقة. الالواح المسمارية حاليا محفوظة في المجموعة البابلية لجامعة يال.

يخنة لحم الضأن (الخروف): يستخدم اللحم. أنت تٌحَضّر الماء. تضيف الدهون. تضيف الملح الناعم الحبيبات، كعك الشعير المجفف، البصل، الكراث والحليب. [تسحق] (وتضيف) الكراث والثوم.

الاسترخاء : لا يتم استخدام اللحوم. أنت تحضر الماء. تضيف الدهون. (تضيف) كراث ، كزبرة ، ملح حسب الرغبة ، كراث ، ثوم. تقوم بسحق العجين المخمر المجفف، وتنخله وتنثره فوق القدر قبل إزالته.

وهكذا كانت التجربة سبيلا الى العلم، فعرف سكان بلاد ما بين النهرين الثوم في الطبخ، وعلموا له استعمالات للتداوي، كمعالجة تورم المفاصل، انتفاخ البطن، والبواسير، فهنالك الواح مسمارية طبية، من مكتبة آشور بانيبال الملكية لبلاد ما بين النهرين، في المتحف البريطاني.

اخذ الاغريق علومهم من المصريين ومن بلاد ما بين النهرين، وعنهم اخذها الرومان، وكل ساهم، فمثلا ذكر هيرودوت أن المصريين عرفوا الهندسة لحاجتهم للقياس، وعنهم أخذها الإغريق، كما بينت برديات كارلسبرغ، ان ابقراط اخذ الكثير عن المصريين في الطب، وقد ذكر هوميروس في الياذة: إن أرض مصر، واهبة الحب، تُنبِت أعظم كميةٍ من العقاقير، إذا مُزِج الكثير منها كان شافيًا، كما أن الكثير منها ضار، وكل رجلٍ في مصر طبيب، حكيم يفوق سائر الجنس البشري؛ لأنهم من جنس بايون Paeeon.

إذا اعطى الاغريق والرومان رياضيهم، ومحاربيهم، وبحارتهم، الثوم لتقويتهم، وقال ابقراط ان الثوم مدر للبول، ومسهل.

اما العرب، فقد وصف الطبيب ابن سينا فوائد الثوم، فهو يصفي الحلق، ينفع من السعال، ينفع من أوجاع الصدر وَمن الْبرد، مطهر للجروح، ملين، ومخرج للدود.

في هذه الأيام ، هنالك عدة دراسات متباينة حول الثوم وفوائده، فيقال ان الثوم قد يكون مفيد لخفض ارتفاع ضغط الدم، وذلك عبر مفعوله على الشرينات، انه يخفض الكوليسترول، يساعد على تجنب الرشح، يخفض من احتمال الإصابة بسرطان المعدة، مضاد للأكسدة، يحارب الطفيليات والديدان المعوية كدود الصفر الأسطواني، مضاد للبكتيريا، يساعد على تنمية الميكروبات المفيدة للجهاز الهضمي، مضاد الالتهابات، ومسيل الدم. لا تزال الحاجة قائمة للقيام بدراسات أكثر.

ومن نوادر العرب حول الثوم، حيث كان العرب محبون للنصح والتحاور، متقبلون للجميع، فكان الغزالي محذرا من الحسد، فإنما قتل ابن آدم أخاه حين حسده، فكان رجل يغشى بعض الملوك، فيقوم عند الملك فيقول، أحسن إلى المحسن بإحسانه، فإن المسيء سيكفيكه إساءته.

فحسده رجل على ذلك المقام والكلام، فقال للملك: إن هذا الذي يقوم عندك زعم أن الملك أبخر. فقال له الملك، وكيف يصح ذلك عندي؟ قال تدعوه إليك، فإنه إذا دنا منك، وضع يده على أنفه لئلا يشم ريح البخر.

وخرج الرجل من عند الملك، ودعا القائل إلى منزله، فأطعمه طعاماً فيه ثوم، فخرج الرجل من عنده وقام عند الملك، فقال له الملك أدن مني، فدنا منه، فوضع يده على فيه مخافة أن يشم الملك منه رائحة الثوم.

فكتب الملك له كتاباً إلى عامل من عماله بقتله، فأخذ الكتاب وخرج، فلقيه الرجل الذي سعى به، فقال ما هذا الكتاب، قال خط الملك لي بصلة، فقال هبه لي، فقال هو لك، فقتل الذي سعى.

عاد الرجل إلى الملك كعادته، فعجب الملك، وقال ما فعل الكتاب، فقال لقيني فلان فاستوهبه مني، فوهبته له، قال له الملك إنه ذكر لي أنك تزعم أني أبخر، قال ما قلت ذلك، قال فلما وضعت يدك على فيك، قال لأنه أطعمني طعاماً فيه ثوم فكرهت أن تشمه، قال صدقت فقد كفى المسيء إساءته.

هنالك العديد من أنواع الثوم، والثوم غني بالبوتاسيوم وبفيتامين ب٦، واول من عرف وزرع الثوم هم بلاد ما بين النهرين والمصريين.