المسعودي

أبو الحسن علي بن الحسين بن علي المَسْعُودي، ولد في سنة ٢٨٣ هجرية، أي ٨٩٦ ميلادية، في مدينة بغداد في العراق، وتوفي سنة ٣٤٦ هجرية، أي ٩٥٦ ميلادية، في الفسطاط، التي هي الان جزء من مدينة القاهرة في مصر.

المَسْعُودي كان مسلما حنيفا، ويعود نسبه الى الصحابي عبد الله بن مسعود. نشأ المسعودي في بغداد، حيث كان طالبا ذكيا، سريع الحفظ، بارعا في الكتابة، مجتهدا ومحبا للعلم والاطلاع والمعرفة.

لم يكتف المسعودي بتلقي العلم من الكتب، فقد انتقد أولئك الذي لم يقوموا بتجاربهم الخاصة، وتطوير منهجهم وفكرهم، لذلك سافر الى العديد من البلدان لمعاينتها، فسافر الى كرمان، وسيراف، وعمان، وسرنديب (سريلانكا)، والهند، وباكستان، وأفغانستان، وتركمستان، وطاجكستان، والصين، وأذربيجان، وأرمينيا، وتركيا، والشام، والجزيرة العربية، وفلسطين، ومدغشقر، وزنجبار، ومصر، والمغرب العربي… كما أبحر في المحيط الهندي، وبحر قزوين، والبحر الأبيض المتوسط… وقد أمضي المسعودي أكثر من أربعين عاما في تجواله.

والمسعودي هو عالم، ومؤرخ، وجغرافي، ودارس للديانات، وكاتب للميثولوجيا… ويتميز بأسلوبه الواضح والجميل في الكتابة.

ترخ المسعودي الكثير من الشعوب، كالهنود، والصينيين، والترك… ودفعه حبه الى الوصول الى حقائق الامور، الى الإحاطة بالشأن من نواح متعددة، فلكل شعب قدم اجتماعياته، وعاداته، ودياناته، وصنائعه واكتشافاته، وطوابعه ونوادره.

كما قدم المسعودي وصفا جغرافيا للمناطق التي زارها، فوصف الجبال، والبحار وطولها وعرضها، والانهار ومنابعها وطولها ومسالكها ومصابها، والحيوانات وطبائعها.

كما وصف كيفية الترحال، والسفر، من ناحية الى أخرى، فكمثل، وصف طريق الصين، عبر البحار واليابسة، والصعوبات التي تعترض المرء، كالرياح والمواسم وطبيعة السفن…

كما تحدث عن النظام الشمسي، الكواكب والنجوم، ومساحتها وبعدها عن الأرض، وعن الأرض وقطرها ومناخها، وعن خط الاستواء، وتقلب الليل والنهار، وكروية الأرض.

وقدم تفسيرات علمية للظواهر الطبيعية، كنظرية دورة التآكل، حيث مما قال: وما كان بحراً فصار برا، وما كان برا فصار بحراً، على مرور الأيام، وكرور الدهور… وإن للأنهار شبابا وهرمًا وحياة وموتًا ونَشئًا ونُشورًا …

ألف المسعودي الكثير من الكتب، في التاريخ، والجغرافيا، والسياسة، والطبيعة، والاجسام السماوية، لم يبقى ويردنا منها الا القليل.

ومن كتبه التاريخية:

كتاب أخبار الزمان، ومن أباده الحدثان من الأمم الماضية، والأجيال الخالية، والممالك الدائرة ، وهو كبير طويل مثل اسمه، يدخل في ٣٠ مجلداً، وقد أكثر المسعودي من الإشارة إليه في مروج الذهب، إذا اختصر الكلام في باب قال: «وقد فصلنا ذلك في كتابنا أخبار الزمان»، لكن هذا الكتاب ضائع الآن، وليس منه إلا الجزء الأول في مكتبة فينا.

الكتاب الأوسط، هو وسط بين مُرُوج ٱلذَّهَب وَمَعَادِن ٱلْجَوْهَر، وكتاب أخبار الزمان ومن أباده الحدثان من الأمم الماضية والأجيال الغابرة والممالك الداثرة، وقد ضاع أيضاً، ولكن في مكتبة أكسفورد نسخة يظنون أنها هو، ويظن بعض الباحثين أنه وقف على شيء منه في بعض مكاتب دمشق.

كتاب مُرُوج ٱلذَّهَب وَمَعَادِن ٱلْجَوْهَر، ورأينا إيجاز ما بسطناه (كتاب أخبار الزمان)، واختصار ما وسطناه (الكتاب الأوسط )، في كتاب لطيف نودعه لمع ما في ذينك الكتابين مما ضمناهما، وغير ذلك من أنواع العلوم، وأخبار الأمم الماضية، والأعصار الخالية، مما لم يتقدم ذكره فيهما.

كتاب التنبيه والإشراف، أودعه لمعاً من ذكر الأفلاك وهيئاتها، والنجوم وتأثيراتها، والعناصر وتراكيبها، وأقسام الأزمنة، وفصول السنة ومنازلها، والرياح ومهابها، والأرض وشكلها ومساحتها، والنواحي والآفاق وتأثيرها على السكان، وحدود الأقاليم السبعة، والعروض والأطوال، ومصاب الأنهار، وذكر الأمم السبع القديمة ولغاتها ومساكنها، ثم ملوك الفرس على طبقاتهم، والروم وأخبارهم، وجوامع تواريخ العالم والأنبياء، ومعرفة السنين القمرية والشمسية، وسيرة النبي وظهور الإسلام، وسير الخلفاء وأعمالهم ومناقبهم إلى سنة ٣٤٥، وفيه أشياء كثيرة لا توجد في غيره من كتب التاريخ، وقد طبع في ليدن سنة ١٨٩٤ في جملة المكتبة الجغرافية في ٥٠٠ صفحة..

كما لديه كتب في السياسة، كالسياسة المدنية، وأجزاء المدينة، وكتب في العلوم، كسر الحياة، واغلب كتبه، وهي تفوق الثلاثون قد فقدت.

قام اوسيب ريناودوت Eusèbe Renaudot، بتلفيق كتاب تاريخي مبني على اعمال المسعودي وغيره من الكتاب العرب، كما ذكر جوزيف توسان رينو Joseph Toussaint Reinaud، وكان هدفه من هذا الكتاب هو اظهار الصينين بصورة سيئة، كما ذكر جان سُوفاجِيه Jean Sauvaget.

والكتاب الملفق اسمه رحلة السيرافي، وحسب جان سُوفاجِيه، فهو مجموع أربع كتب، ويدعي ان الاثنين الاولين بنفس خط اليد، والثالث والرابع مشكوك بأمرهما، والصفحات الأولى من الكتاب قد مزقت فلا سبيل الى معرفة المؤلف، كما يحتوي الكتاب على العديد من الأخطاء الاملائية.