آدم

٢ - في الميثولوجيا العربية

برع العرب في الميثولوجيا، فقد روى المسعودي في كتابه التاريخي "مُرُوج ٱلذَّهَب وَمَعَادِن ٱلْجَوْهَر" انه:

نفخ في آدم الروح، وهو اليوم السادس من نيسان، ثم خلقت حواء من آدم، وأسكنا الجنة لثلاث ساعات مضت منه، فمكثا ثلاث ساعات، وهو ربع يوم بمائتي سنة وخمسين سنة من أعوام الدنيا. وأهبط الله آدم بسرنديب، وحواء بجدة، وإبليس ببيسان، والحية بأصبهان.

فهبط آدم بالهند على جزيرة سرنديب، على جبل الراهون وعليه الورق الذي خصفه من ورق الجنة، فيبس، فذرته الرياح، فانتثر في بلاد الهند. فيقال والله أعلم: إن علة كون الطيب بأرض الهند من ذلك ولذلك خصت أرض الهند بالعود والقرنفل والأفاويه والمسك وسائر الطيب. وكذلك الجبل، لمعت عليه اليواقيت، وكان من الماس، وفي جزائر بحره السنباذج، وفي قعره مغائص اللؤلؤ.

وإن آدم لما أهبط من الجنة أخرج منها ومعه صرة من الحنطة وثلاثون قضيباً من شجرات الجنة مودعة أصناف الثمار: منها عشرة مما له قشر، وهي: الجوز، واللوز، والجلوز، وهو البندق، والفستق، والخشخاش، والشاهبلوط، والرانج، والرمان، والموز، والبلوط. ومنها عشرة ذات نوى، وهي الخوخ، والمشمس، والإجاص، والرطب، والغبيراء، والنبق، والزعرور، والعناب، والمقل، وملك الإجاص. ومنها عشرة مما لا قشر لها ولا حجاب دون مطعمها ولا نوى داخلها، وهي: التفاح، والسفرجل، والعنب، والكمثرى، والتين، والتوت، والأترج، والقثاء، والخيار، والخروب.

ويقال: إن آدم لما أهبط من الجنة هو وحواء هبطا متفارقين؛ فتعارفا بالموضع الذي يسمى عرفة، وبتعارفهما فيه سمي بهذه التسمية، وقيل غير ذلك.

وقد استفاض في الناس شعر يغزونه إلى آدم، أنه قال حين حزن على ولده وأسف على فقده، وهو:

تغيّرت البلاد ومن عليا
فوجه الأرض مغبرّ قبيح
تغيّر كلّ ذي طعم ولون
وقلّ بشاشة الوجه المليح
وجاورنا عدو ليس يفنى
لعين لا يموت فنستريح
أهابيل إن قتلت فإن قلبي
عليك اليوم مكتئب قريح

ووجدت في عدة من كتب التواريخ والسير والأنساب أن آدم لما نطق بهذا الشعر أجابه إبليس من حيث يسمع صوته ولا يرى شخصه، وهو يقول:

تنحَّ عن الجنان وساكنيها
ففي الفردوس ضاق بك الفسيحُ
وكنتَ بها وأهلك في رخاءٍ
وهمُّكَ عن أذى الدنيا مريح
فما برحت مكابدتي ومكري
إلى أن فاتك الثمنُ الرَّبِيْحُ
ولولا رحمةُ الرحمن أمسى
بكفِّك من جنان الخلد ريحُ

ووجدت أن آدم عليه السلام سمع صوتا ولا يرى شخصا وهو يقول بيتا آخر مفردا عون ما ذكرنا من هذا الشعر، وهو هذا البيت:

أبا هابيل قد قتلا جميعا
وصار الحي بالميت الذبيح